2‏/12‏/2012

نقطة نظام

 محمد المخطار البشير
     كنت رابع اربعة  هم عدد ركاب  سيارة الاجرة ,بعد البسملة  و الصلاة على الحبيب رسول الله ,اشعل السائق محرك السيارة  لينطلق بنا وكانت الوجهة مخيم ولاية السمارة ,بدون مقدمات فرض علينا احد الركاب نفسه  ليحتل  اسماعنا   بنشرة اخبارية. بداها باسعارالمحروقات والعلاقة مع الاشقاء الجزائريين  و اخر مستجدات القضية  و اخبار التعيينات الدبلوماسية الاخيرة كان المسكين احيانا  يبالغ في التحليل  والشرح الى درجة الغرق ,وكان معنا رجل خمسيني لم يبخل علينا بومضات اشهارية  من حين لاخر كانت جملتها الوحيدة  يعطينا العافية متبوعة   ب استغفر الله.
ليسترسل   صاحبنا نشرته ,ويقفز بنا من خلال نشته الاخبارية الى خارج السيارة بعدما لاحظ شاحنة تسير في الطريق المعاكس ليقول ان  مالكها فلان  ما كان الا مواطن بسيط لكنه  ما شاء الله (امتلا ) و انه (فكراش وقافز ) و ما الى ذلك  ليخلص الى نعته بانه ليس صحراوي لكنه ولد في الصحراء  مثل فلان و علان  الذين هم الان قادة في الجبهة  ليرسم مجالا   يحصر فيه ترددات قبلية  و يؤكد ان من لا ينتمى لهذه الترددات ليس صحراوي ليقاطعه الشيخ بالقول ان الخوض  في هذه الامور لا طائل من ورا ه وأن خير الكلام ما قل و دل و الثرثرة من الشيطان ,لكن  هذا لم يمنع صاحبنا من مواصلة  كلامه ليستوقفه  الرجل هذه المرة  بنبرة حادة  قائلا. اسكت اسكت من انت حتى تحدد الصحراوي من غيره ,اني ا كبر منك سنا  وحملت بندقيتى للدفاع  عن  الوطن في وقت ربما انت  مازلت لم تات لهذه الدنيا ولدي  اثنان من اخوتى استشهدا  في ميدان الشرف ناهيك عن اصدقائي و احبابي و و ,,,الخ, صحيح  قبليا  لست صحراوى  لكنني كذلك قلبا و وطنا  ولدت و ترعرعت  في  منطقة اوسرد  ,تعرفني  سمائها و  حبات  رملها  و اشجارها و حجارتها.

اصيب ببحة في  حنجرته  نتيجة لاجهاده  في الكلام لتنتحر الكلمات في حلقه بعد ان اغرورقت عيناه و استغفر الله و صمت  .ليخيم الهدوء داخل السيارة  الا من صوت المحرك ,وصلنا ولاية السمارة و كنت اول من نزل .
 دفعني ما رايت  الى الكتابة و  بصراحة عن عقدة ركيكة  و غريبة في المجتمع الصحراوي الاصيل  معشعشة في اذهان الكثير.  قد يعتبر  احدهم الموضوع طابو  لكن لا ضير في و ضعه تحت  دائرة الضوء.
الجميع يعرف ان الصحراويون قديما كانو يعتمدون في حياتهم على   تربية المواشي فهم  من البدو الرحل ,فكانو كثيري الترحال  بحثا عن المرعى و الكلاء لمواشيهم فكان الفضاء  مفتوح لهم من  جبال الاطلس شمالا الى نهر السنغال  جنوبا  ومن المحيط الاطلسي غربا  الى بلاد النوبة شرقا  فقد تتباين اماكن ولادة ابناء   العائلة  الصحراوية الواحدة  من السمارة,عيون العتروس,اطار,طاطا,بشار,, تمبكتو, الخ.
هذا ينطبق  على البدو الرحل  من الدول المجاورة  موريتانىا ,الجزائر و المغرب و حتى مالي وقد يصل بهم الامر  الى الاستقرار بصفة دائمة  في تلك المنا طق لسبب ما   قد يكون  نتيجة مصاهرة   او ملائمة المناخ  و الارض  او قيود المستعمرين و ظهور الحدود او غير ذلك , هذا الواقع شكل  وجود  اقليات ان صح التعبير  في كل بلد تعود اصولها  الي دولة اخرى  لكن هذا لم يقلل من شانهم  كمواطنين   لهم حقوق  كاملة  وعليهم واجبات.
 فليس غريبا ان ترى احد مواليد بئر انزران  الصحراوية  رئيسا لدولة مجاورة  يعتز  بانتمائه لها  خدمها في الحرب و السلم   و دافع عنها  سرا وعلنا، و مازال رمز المواطن المخلص الشريف وفقه الله و اطال عمره فلا يمكن ان نظلم الرجل  بقولنا انه صحراوي  فالتاريخ و الجغرافيا اقوى من الدم.
والاصل شئ والوطن شئ اخر , و فرانز فانون مثلا  انخرط في صفوف جبهة التحرير الجزائرية ليتقلد مناصب رفيعة من بينها سفير الجزائر في غانا  و بعد وفاته دفن في مقبرة الشهداء  اصله من المارتينيك لكنه ما كان الا جزائريا, و التاريخ حافل بالامثلة , عيب يا اخواني  و نحن في القرن الواحد العشرين  وفي مرحلة حساسة من  تاريخنا   ان نسمع  احدنا  عاقل  كان ام مجنون يتكلم  او يفكر  بطريقة فجة  تنم عن لؤم مزمن و نوايا خبيثة  لا تخدم  الوحدة الوطنية التي كانت و ما تزال و ستظل  هي اساس كل الانتصار فهي ام المكاسب.
 الصحراوي  هو كل من  علقت الصحراء في وجدانه و احبها و سكنت قلبه و سرت في دمه  و تقاسم  مع اهلها الحلو و المر و ضحي  بالغالي و النفيس  من اجل  ان يرفرف علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على كامل التراب الوطني وليذهب الخفافيش و مصاصي الدماء  ونواياهم و افكارهم الهدامة الى الجحيم.  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review