31‏/12‏/2012

المقاومة الوطنية.."الإعلام نموذجا"


بقلم : عالي إبراهيم محمد الربيو
تبادر إلى ذهني أن أكتب هذه الأسطر في الوضع الحالي الذي نعيشه ألا وهو مرحلة اللاسلم واللاحرب, وضع ننسج فيه أرقى أساليب المقاومة الوطنية السلمية مما لاشك فيه، إنما يحز في نفسي هو عدم إستجابة وتفاعل الإعلام الدولي وبالخصوص الإعلام العربي مع مقاومتنا السلمية علما أن الإعلام الذي ساهم بشكل كبير بتأجيج الحراك العربي الأخير. ولعل تناولي لموضوع الإعلام كنموذج للمقاومة لم يكن اعتباطيا في هذه الظروف المحيطة بقضيتنا الوطنية والتي يبدوا أن الإعلام الدولي مازال يتمادى في خيانته لها, لذا توجب علينا صناعة إعلام وطني مقاوم يصنع ويتفاعل مع الأحداث داخل الميدان, ويعمل على تنوير الرأي العام وتوحيد الصفوف وتصحيح المسار من أجل إعادة القطار إلى السكة.
لذا يعد الإعلام المقاوم إحدى الأولويات الأسياسية بالنسبة لكل الحركات التحررية في كل بقاع العالم كافة, وعندما يتم تداول مصطلح صناعة الإعلام المقاوم, فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن الأمر يتعلق بنوع من التجهيز والإعداد كما تتم عمليات صناعة الذخيرة والعتاد أو تأهيل الأفراد. ولأهمية دارسة هذا الجانب خصوصا أن المواجهة مع قوى الإحتلال تزداد يوما بعد يوم في مناطق عديدة من العالم, فقد كان لابد من تسليط الضوء على موضوع الإعلام المقاوم بشقيه: النظري والتطبيقي ومدى نجاعة هذا النوع من الإعداد. وسبل تطويره ليتوافق مع مقتضيات كل مرحلة وحسب خصوصية ظروف المكان والزمان لكل مواجهة دفاعا عن قضية وحق وكرامة هذا الشعب.
تعريف الإعلام المقاوم:
يأتي تعريف الإعلام المقاوم الذي لا وجود لإختلاف جوهري في تعريفه وإن تباينت بعض التفاسير إلا أنها تصب في نهاية المطاف في بوتقة التعريف الشمولي للمعنى ويبقى هذا الإعلام هو الذي يحمل مشروع المقاومة وهويتها ويتبناها نهجا أسياسيا وقضية دائمة وليست موسمية أو أنية أي في وقت الأحداث فقط كما يتحمل النتائج المترتبة عن ذلك, ويدافع عن قضية الشعب والتمسك بالثوابت الوطنية دون دعم لأية مقترحات أو قرارات يتم خلالها التنازل عن هذه الحقوق وكذا تزويد الجماهير بحقائق المقاومة ومقاصدها وأثارها ونقل الأخبار والوقائع والمعلومات المتعلقة بها بصورة صحيحة منضبطة  موثقة داخل المجتمع وخارجه قصد الإقناع والتأثير من خلال الوسائل الإعلامية المتوفرة وكذلك الرد على كل الشبهات والافتراءات والشائعات التي تثار حول المقاومة الوطنية للطعن فيها وفي أهلها, وتحفيز المواطن لأدائها و دعمها بكل الإمكانيات المتاحة والتعبير عن المقاومة السلمية لهذا الشعب ضد المحتل من خلال إستراتجية إعلامية تعتمد على دعوة الرأي العام إلى لمساندتها ودعمها والتركيز على دورها, أهميتها, تضحياتها, إنجازاتها...
وتبقى أهمية وجود إعلام مقاوم شيء مفروض بحكم أنه يعد في الوقت الراهن أداة أساسية لتصدي ومواجهة الإحتلال. وتنبع أهميته من كونه وسيلة تعريف بمشروع المقاومة وأهدافها والدفاع عنها وكذا التعريف ببرامجها  كما هو مهم من ناحية كشف نقاط ضعف العدو وإبراز إنجازات المقاومة وتأثيراتها على الأعداء, ويبقى هذا الأعلام هو أحد أهم أدوات المعركة لذا يقول عليه الصلاة والسلام "جاهدوا المشركين بأموالكم و أنفسكم والسنتكم" - أخرجه أبو داود واحمد النسائي.
ومما سبق ذكره فإن الضرورة تقتضي تشكيل وعي جديد يدرك أهمية الإعلام المقاوم والنظر إليه بوصفه سلاحا أكثر فتكا وأنه أحد الأسلحة التي يستخدمها الأعداء وأعوانهم ضمن مخططاتهم وأسلحتهم التي يخوضون بها حروبهم ضدنا, بالاعتماد أيضا على الحملات الإعلامية التي تسبق دائما الحملات السياسية والعسكرية بل هي التي تشارك في صنعها كما في بعض الأحيان يكون الإعلام هو السلاح الوحيد المستخدم في المعركة, ووجوده أصبح من المهم نظرا لحالة الإنبطاح السياسي و الإعلامي الذي يشهده العالم العربي لأنه هو الكفيل بإنتشال المواطنين من حالة الإستسلام والخنوع لحشد الهمم والطاقات لتحقيق الإنتصارات وتعزيز الثقة في النفس وكذا مقاومة الغزو على جميع المستويات بما فيها الفكري, الثقافي, الإجتماعي (الإعتقالات, الإغتيالات, التفقير, التهجير, طمس الهوية الوطنية...).
 لعل أميز مواصفات الإعلام المقاوم هو الإنطلاق من خلال الأيمان الواضح والراسخ  بالنصر وبمبادئ الدولة والحفاظ على الثوابت الوطنية وعدم مجاراة كل فكر يحاول أن يستأصل شأفة الشعب, فالإعلام المقاوم هو إعلام ينبع من واقع الوطن ومن واقع الحفاظ على الهوية الوطنية. كما تكمن أهدافه المحورية في التعريف بحقيقة الرسالة وطبيعة الصراع وتقديم صورة حقيقية صادقة للوقائع والأحداث المتعلقة بعمل المقاومة ومحيطها كما أن له هدفا دفاعيا يسعى إلى رفع معنويات المناضلين وتعبئة مؤيديهم من خلال عرض إنجازاتها أي المقاومة وتصعيد الحرب النفسية ضد العدو والثأر من معنويات قواته من خلال بث روح الإحباط والتشكيك في قدرته على مواجهة المقاومة لإلحاق الهزيمة النفسية به قبل الهزيمة المادية و الدبلوماسية, كما أن هناك العديد من المعارك حقق فيها الإعلام نصرا قبل البندقية وكذلك هناك شعوب ودول استسلمت قبل المواجهة أو تم التأثير عليها, كل هذا يعود إلى قدرة الإعلام المقاوم في إحداث الهزيمة النفسية بالعدو, "والمهزوم نفسيا لايمكن له أن يقاوم"
تأثير الإعلام المقاوم على الرأي العام :
يسعى الإعلام بشكل حثيث من أجل ترسيخ مكانته الإعلامية بغية الوصول إلى تأثير منشود في اتجاهات الرأي العام العالمي, الشيء الذي يفرض عليه ممارسة فلسفة بث الصورة والذي يجمع كل أصحاب الإعلام والرأي على أن المزاج العام يتأثر بمشهد الحدث وصورته أكثر من تأثره بسماع تفاصيل الخبر, كما تبقى دائما الصورة مهمة جدا في التعبير والتأثير بالإضافة إلى أنها شاهد على الحدث وأداة للمصداقية ودليل يمكن البناء عليه في مسائل نقل الحقيقة أو التعبير عن موقف ما.
ولعل كل صورة يتم التقاطها من ميدان الحدث سواء كان بأيدي مصورين مهنيين محترفين  أو بأيدي متطوعين هي سند إثبات لحقيقة مهمة وورقة رابحة في مسيرة التقدم والإنتصار على أكاذيب العدو وإعلامه. ولا ننسى كم تجلت كذبة حقوق الإنسان وإدعاء الإنسانية عندما تبث صور لتدخلات ومداهمات سلطات الإحتلال بكل أشكالها ضد منازل المواطنين العزل والمناضلين المنتفضين سلميا للمطالبة بالإستقلال والحرية, وأخرى تسربت من داخل سجون الإحتلال الموحشة والمظلمة والتي بثت أيضا أبشع ظروف القهر والإهانة الحاطة من الكرامة الإنسانية التي يعيشها سجنائنا السياسيين هناك.
وبعد كل هذا تبقى صناعة الإعلام المقاوم تحديا حقيقيا في مشروع الدولة لبناء الكيان الحضاري بعيدا عن هيمنة القوى الإستعمارية, لهذا يجب تكوين مراكز أو مؤسسات إعلامية تدار من قبل مختصين إعلاميين وطنيين يواجهون الحرب الدعائية النفسية والتضليل الذي ما فتئ يمارسه في حقنا المحتل وأعوانه بحرب إعلامية مدروسة ومخطط لها على أسس علمية تعتمد على تشتيت وتفرقة الجماهير.
 وختاما هدفنا من هذه الرسالة إختيار الوسلية الأنسب من بين الوسائل المتاحة, لأن هذا ما يعبر عن رغبة الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا الأبي الطامح في إعلام حر نزيه عنوانه "مقاومة الإحتلال" و يأخذ بناصيته خبراء وإعلاميين أكفاء, تمتلكهم الجرأة وتعشق نفوسهم التضحية من أجل وطن مستقل, لتتوفر عندئذ فرص الإعلام الحقيقي القادر على الوقوف في وجه المحتل و إستئصال جذوره من أرض طاهرة سقيت بدماء جرحانا الأوفياء وشهدائنا الأبرار.
وبهذه الأسطر ينتهي بي الكلام راجيا من الله تعالى أن ينفع بهذه الأسطر كل من ساعد في نشرها وتعميمها على كل من يهمهم أمر هذا الوطن الجريح.
والله ولي التوفيق..

3 التعليقات:

عالي إبراهيم محمد الربيو هذا الي كاتب زين حتا ليعتلك

ذا المقال منقول من الرابط التالي : http://www.jhadfront.com/arabic/news.php?action=view&id=293

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review