25‏/1‏/2013

لقاء خاص مع السيد : محمد بنو رئيس لجنة الصياغة المنبثقة عن الملتقى الأول للجالية الصحراوية

اجرى اللقاء : احمد بابا لحبيب ابعيا
المستقبل الصحراوي: رغم أن الملتقى هو الأول من نوعه للجالية الصحراوية بأوربا، إلا أن الكثيرين لم يعلموا به إلا عن طريق الإنترنت، إلى ماذا تعزو ذلك؟
    شكرا لمجلة المستقبل الصحراوي الواعدة على الاستضافة، هذا السؤال كان من الأجدر توجيهه للجهة أو بالأحرى للجهات المنظمة، و لكن، في كل الأحوال، لا يتعلق الأمر بتقصير من تلك الجهات، ثم إن الإنترنت وسيلة فعالة للتواصل، فما العيب في أن تستغل استغلالا معقلنا للاتصال و التنسيق و تبادل المعلومات؟
المستقبل الصحراوي: يرى البعض أن الملتقى كان روتينيا، و لا يختلف في شيء عن الندوات التي ألفناها، و هي ندوات، كما تعلم، تعرف نتائجها قبل عقدها، هل يمكن أن تطلع القارئ عما جرى فعلا من نقاشات؟
    أنت تعلم أكثر من غيرك، بحكم تغطيتك الصحفية لجلسات الملتقى، أنه لم يكن إطلاقا روتينيا، بل كان من أكثر الملتقيات ديناميكية. فقد شهدت الجلسة الافتتاحية نقاشا حادا بين بعض أعضاء الوفد الرسمي و بعض المشاركين، هذا النقاش أكد بوضوح أن أغلبية المشاركين متمسكين بالقطيعة النهائية مع الأساليب المتجاوزة التي كانت تدار بها الندوات و الملتقيات على مدى الأربعين سنة الماضية من عمر الجبهة. و بعد أن حسم موضوع تسيير جلسات الملتقى و جدول أعماله، كانت المداخلات جريئة مع اختلاف مرجعيات أصحابها الفكرية و السياسية و النضالية.
و من خلال الأفكار المعبر عنها بالملتقى، يمكن التمييز بين فئتين من المشاركين : فئة اتخذت من مبدأ النقد و النقد الذاتي بوصلة اهتداء لتحديد معالم مساهمة الجالية الصحراوية بأوربا في فرض خيار الدولة الصحراوية المستقلة، هذه الفئة حاولت من خلال أفكارها و مقترحاتها بناء بديل تجاوزي لسياسة الاملاءات و الولاءات التي فشلت في تحصين مكاسب الشعب الصحراوي، و أطالت معاناته، و عجزت، لحد الآن، عن تحقيق أهدافه المشروعة. أما الفئة الثانية، فهي فئة إتكالية و انتظارية، ألفت تنفيذ برامج معدة سلفا و لا تريد أن تكلف نفسها أكثر من ذلك. و لكل فئة مبرراتها التي تجب أن تحترم، إلا أن الكلمة الفصل كانت للأغلبية. و علاقة بسؤالك، فهناك من المشاركين من اعتقد أن نتائج الملتقى كانت معروفة مسبقا، لكن الوضع هذه المرة كان مختلفا تماما.
المستقبل الصحراوي: بعيدا عن الشعارات التي أصبحت هي النتيجة المنطقية لكل الندوات الماضية، ما هي النتائج الملموسة التي خرج بها الملتقى الأول للجالية الصحراوية بأوربا؟
    أعتقد أن أول نتيجة هي عقد الملتقى في حد ذاته، و هنا اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل أفراد الجالية الصحراوية بفرنسا على حسن استقبالهم و كرم ضيافتهم و نجاح تنظيمهم للملتقى، قلت إن مجرد تحويل فكرة عقد الملتقى الأول للجالية الصحراوية بأوربا إلى واقع فعلي هي نتيجة ملموسة و محمودة، فقد اجتمعت نخبة من الطاقات الصحراوية الواعدة في مختلف التخصصات و من مختلف مرجعيات الحقل النضالي الوطني للإجابة عن سؤال يقلق ذاكرة كل مناضل صحراوي أينما تواجد: ماذا يمكن أن أقدم لخدمة القضية الوطنية من موقعي و حسب إمكانياتي؟ و قد تبلورت الإجابة عن هذا السؤال على شكل مشروع تحت عنوان "جالية صحراوية قوية لدعم القضية الوطنية". هذا المشروع سيتم بموجبه تأطير الجالية الصحراوية بأوربا في إطار تنسيقية أوربية تنتخب منسقين جهويين، ينتخبون من بين أعضائهم مكتبا تنفيذيا، الذي سينتخب بدوره منسقا عاما من بين أعضائه. أما أهداف المشروع فتم تركيزها في هدفين رئيسيين، متلازمين و متكاملين، يتعلق الأول بالتأثير في المواقف و القرارات السياسية التي تتخذها الدول الأوربية و الاتحاد الأوربي من القضايا ذات الصلة بالنزاع في الصحراء الغربية. أما الهدف الثاني فيتمثل في تقوية و توسيع دائرة التضامن مع الشعب الصحراوي داخل المجتمع المدني الأوربي. و لتحقيق هذين الهدفين، تم تشكيل لجنة لصياغة القانون الأساسي للتنسيقية و برنامج عملها و تقديمهما للملتقى الثاني الذي سينعقد في آخر السنة الجارية من أجل المصادقة.
المستقبل الصحراوي: هل ستساهم اللجنة الجديدة في وضع أسس بناء دبلوماسية شعبية تكون إلى جانب الدبلوماسية الرسمية من أجل التحسيس بالقضية الوطنية؟
    في اعتقادي لقد مكثنا أكثر من اللازم في مرحلة التحسيس، لذا وجب علينا، و على الفور، أن ننتقل إلى مرحلة التأثير في كل المواقف و القرارات السياسية ذات الصلة بنزاع الصحراء الغربية. فأربعين سنة من التحسيس و التعريف بالقضية إما أن تكون كافية، و إما أن هناك خلل ما في المادة أو الكيفية، أو فيهما معا. إن المناضلين الصحراويين، إذا أتيحت لهم الفرصة، قادرون بعدالة قضيتهم، و بمستوياتهم الثقافية و السياسية على التأثير في المواقف و القرارت الدولية لصالح قضيتهم الوطنية. أما عن الدبلوماسية الرسمية، فنحن ليست لدينا، و للأسف الشديد دبلوماسية رسمية بالمفهوم السياسي للكلمة، كل ما هناك عبارة عن تمثيليات و سفارات للجبهة يعين فيها أشخاص في غالب الأحيان لا علاقة لهم لا بالدبلوماسية و لا حتى بالمجال السياسي، يتم انتقاؤهم وفق مقاييس مبهمة، ليجدوا أنفسهم تحت وصاية رؤساء جمعيات غير حكومية أجنبية توفر لهم المساعدات و تمول لهم المشاريع. فما عدا بعض الحالات المعزولة، لا أعتقد أن لدينا دبلوماسية رسمية بالمفهوم السياسي المتعارف عليه.
المستقبل الصحراوي : هل سيساعد هذا المجلس في التخفيف من معاناة الجالية الصحراوية بأوربا؟
    إذا تحدثنا عن المعاناة، يجب أن نتحدث عنها في شموليتها، أي معاناة الشعب الصحراوي برمته، و في مختلف مواقع تواجده. فالهدف الأسمى لكل المناضلين الصحراويين ليس مجرد تخفيف المعاناة، بل وضع حد نهائي لها من خلال المساهمة في تقصير الطريق التي ستوصلنا جميعا إلى فرض دولة ديموقراطية مستقلة على كامل ترابنا الوطني. و عمل المجلس سينحصر في هذا الاتجاه. لكن هناك جهات رسمية كمكتب الجاليات بأوربا و وزارة المناطق المحتلة و الجاليات و تمثيليات الجبهة بأوربا, فهذه الجهات هي المخولة بحل مشاكل الجالية.
المستقبل الصحراوي : سؤال يطرحه المواطن البسيط، فيما تختلف اللجنة التي شكلت بعد الملتقى الأخير و مكتب الجاليات؟ هل اللجنة تابعة للمركزية بالشهيد الحافظ ؟ و ما طبيعة العلاقة التي تربطكم بالجهات الرسمية؟
    كما ذكرت آنفا، فللجنة المنبثقة عن الملتقى الأول للجاليات بأوربا هي لجنة أنيطت بها مسؤولية صياغة قانون أساسي و برنامج عمل انطلاقا من مشروع "جالية صحراوية قوية لدعم القضية الوطنية " المصادق عليه بالإجماع من طرف المشاركين في الملتقى. أما مكتب الجالية الصحراوية بأوربا فهو مكتب تابع لوزارة المناطق المحتلة و الجاليات و هي المسئولة عن برنامج عمله. اللجنة ليست تابعة للمركزية بالشهيد الحافظ ، بل هي لجنة مستقلة، صادق الملتقى على أعضائها بالإجماع، فهي مسئولة أمام الملتقى. لحد الساعة لم يتم الحسم في الجهة الرسمية التي يجب التنسيق معها، و هذا الموضوع ستتم مناقشته في الملتقى القادم على ضوء مقترحات لجنة الصياغة.
المستقبل الصحراوي: ما هي الآفاق المستقبلية لمجلس الجالية بأوربا؟
    - نحن لا زلنا في بداية المشوار، فالبدايات تكون دائما صعبة، لأن كل جديد تواجهه ميكانزمات دفاع قوية تحاول التمسك بما هو موجود و كأنه قدر محتوم لا يمكن بأي حال من الأحوال تقديم ما هو أفضل منه. لكن طموح المناضلين الصحراويين و قدرتهم على مسايرة المرحلة الراهن كفيلان بإنتاج فعل نضالي وطني قادر على تجاوز سياسة الانتظار و جعل قضية الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار في أولويات أجندة الأمم المتحدة، و ذلك ما ستتم بلورته بالتفصيل في برنامج العمل الذي كلفت اللجنة بصياغته.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review