12‏/1‏/2013

نحن بين ثقافة النقد ونقد الثقافة


محمود خطري
لايخلو اي عمل مهما كان من مركب نقص الا القران الكريم الذي لاياتيه الباطل من اي مكان وهنا احاول ان اتناول موضوع الكتابة الادبية ولكي تتفتق عبقرية الكتابة لابد لها ان تنمو بجانب اقلام الكتاب والنقاد كي ترى النور في ارض خصبة تجعل المبدع عموما يحرص قدر المستطاع على عمله الادبي متسلحا بكل اسلحة الحيطة والحذر كي يبارز السنة النقاد الحادة  في ساحة الحرب الادبية التي لاتقبل الغفلة ولا السهو .
والحقيقة ان اي كاتب او شاعر او مبدع تتناوله النقاد فهو لا شك ماليء الدنيا وشاغل الناس واريد هنا ان نتساءل هل ثقافة النقد موجودة عندنا ام اننا فقط نسبح على لجج لا متناهية وننفخ افواهنا في الهواء الفارغ ؟
في اعتقادي الشخصي والمتواضع جدا ان ثقافة النقد لازالت تنقصنا بل وبيننا وبينها بونا شاسعا ولهذا تطفو على مواضيعنا ثقافة الانتقاد بمفهومه السطحي فالنقد الشائع عندنا والمتداول حتى بين العامية والنخبة هو ابراز السلبيات وتجريح الشيء والطعن فيه و " تمراك لصباع منو " وبهذا التصرف نفقد حلقة اساسية في تجاهل ايجابيات اي عمل وبالتالي لا نخرج الى شمس الابداع بشيء.
والناقد عندنا هو ذلك " ايكيو" او الشخص الذي لا يسلم احد من طول لسانه عكس الناقد الحقيقي الذي يبرز السلبيات والايجابيات في العمل ليشكل لنا صورة متكاملة للشيء محل النقد وهناك تبرز قدرة كل انسان على النقد فالنقد لا يتوفر في كل شخص فقد تكون كاتبا او شاعرا او مخرجا  ولكن حسك النقدي تفوقه ثقافة النقد عند الصائغ او الاسكافي او حتى راعي الابل .
ولهذا على الناقد حتى ينجح في في تمرير فكرة النقد لاي عمل لا بد له ان يظهر كل مواطن القوة والضعف في ذلك العمل لان النقد بمفهومنا العامي والسطحي له يتركنا نشهر المعاول والفؤوس لهدم كل صوت او قلم يتسلق جدران الابداع وبهذا نكون قد حكمنا عليه بالموت الادبي ونوصد امامه كل الابواب والنوافذ .
والناقد حينما ينظر الى الاشياء بمنظار سلبي فهو ببساطة يصدر لنا ثقافة اليأس " واليأس يؤدي الى التعميم والتعميم يأخذ من الانصاف " كما يقال وهنا تبرز حصافة كل ناقد وفطنته في نقد اي شيء دون ان يشعر الشخص المنتقد بنوع من الاجحاف والتشهير بل نظهره بصورة المبدع المنقض على جسد الابداع وهنا تختلف من مبدع لاخر مخالب الاقلام في شكل الانقضاض ونوعية الهجوم .
ومن جهة اخرى ينجح الناقد في تطهير صورته امام القراء ونظافة فكره فاذا كان الكاتب يخاف من الناقد او بمفهوم ادق يحرص على قتل ما امكن من الملاحظات قبل ان يصل الابداع الى ايدي النقاد فان الناقد كذلك يجب ان ان يدرك ان جمهور القراء هم مجموعة من القضاة لايمكنه ان يمرر فكرة عليهم خاصة اذا كان الناقد ينتقد عمل شخص يتحين له الفرص لانتقاده بالنقد فقط من اجل النقد وبهذا يكون الناقد قد جانف الصواب ويحكم الجمهور " القضاة " عليه بتهمة تجريح عمل وتهريب فكرة مع سبق الاصرار والترصد وبالتالي يحكم الناقد على نفسه بالادانة والفشل.
وفي الاخير اذا كان من محاسن النقد البناء هو الا نترك لمكمن نقص مساحة في ساحتنا  ولكن من المساويء ايضا ان تكون ثقافة النقد عندنا ثقافة معدة لا ثقافة روح.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review