19‏/1‏/2013

تخليد أم عبث و تبذير ؟ّ

الدكتور : مولود أحريطن
 لقد دهشت كثيرا كما دهش غيري من الصحراويين لقرار قيادتنا " الرشيدة" القاضي باستمرار احتفالية تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس الجبهة على مدار السنة الجارية ، و في واقع الأمر لا القرار مناسب في هكذا ظرف و لا التوقيت ملائم لللإقدام على اتخاذ مثل هذا القرار و كأن كل ما ينقصنا هو الهرج و المرج ( أشخاصك يا عريان؟ ... خاتم يا مولايْ ).
في الحقيقة لم نكن نتمنى أن تمر علينا اربعينية تأسيس الجبهة و نحن لازلنا نكابد و نعاني في المنفى ، و لا أعتقد أن أولئك الذين ضحوا بارواحهم الطاهرة من أجل الوطن و القضية تمنوا ذلك أو حتى تصوروه ،  لكن و الحال هذه وقد أوصلتنا السياسات القاصرة لقيادتنا " الوطنية" إلى ما نحن عليه ـ ولا أقول الظروف و الأقدار لأن الإنسان بما منحه الله من عقل و قدرة على التمييز بين الصواب و الخطأ هو من يصنع الظروف التي تتحكم في مسار حياته و بالتالي هو قادر على توجيه أقداره ـ كنا نتمنى أن يكون قرار قيادتنا لتخليد الحدث قرارا يرتقي إلى مستوى عظمته  يؤكد و يجدد الوفاء بالعهد للرجال و النساء الذين جعلوا من تلك اللحظة التاريخية نقطة مفصلية في تاريخ الشعب الصحراوي المعاصر ، و من هذا المنطلق كان حريا أن يكون القرار مختلفا تماما  بشكل يجعل من التخليد حدثا  يستحضر بصدق لحظات الـتأسيس و يستجيب بعمق لمتطلبات و رهانات المرحلة، و يضيف بعدا جديدا لقضيتنا العادلة.
كنا نتمنى أن يكون تخليد أربعينية تأسيس الجبهة بقرار شجاع و جرئ يضع حدا نهائيا للجمود القاتل الذي يعرفه الوضع منذ أكثر من عشرين سنة و يحرك وبكل قوة المياه الراكضة  التي نخشى أن يتحول ركوضها إلى وحلْ قد لا نستطيع الخروج منه ابدًا.
ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم العربي من  مشرقه إلى  مغربه  موجة اتسونامي سياسي أطاحت بأنظمة و عصفت و تعصف بأخرى و قد كانت بدايتها من عمق مخيم أكديم إزيك ، نرى قيادتنا و للأسف الشديد تغط في نوم عميق و كل ما تفعله هو استجداء بان كيمون للتدخل لحماية المواطنين الصحراويين في المناطق المحتلة من بطش الاحتلال المغربي  أو انتظار حلا يأتي به روس  ليعيد لنا أرضنا المحتلة.
و نحن هنا نتسأل ماذا ياترى ستقدم الاحتفالات للمواطن  الذي سئم الانتظار؟ و بماذا ستفيد القضية ؟ في وقت يعاني فيه العالم كله من تبعات الأزمة الأقتصادية و نرى الدول والحكومات تجتهد لوضع السياسات التقشفية و ترشيد النفقات بينما قيادتنا  التي لطالما اشتكت من شح الإمكانيات و أطلقت نداءات الاستغاثة تستعد لإطلاق إحتفالية تدوم عاما كاملا تكون مدعاة لإنهاك خزينة الدولة و فرصة للفاسدين و الانتهازيين، و ما أكثرهم، لنهب المزيد من المال العام.
أما كان حريا أن تصرف الأموال التي ستنفق على الاحتفالات في مواضع أخرى قد تعود على المواطن و القضية بالنفع الوفير و الفائدة من قبيل، على سبيل المثال لا الحصر:
 ـ رفع جاهزية قواتنا المسلحة و مساعدة المنتمين إليها وعوائلهم ماديا لمواجهة ظروف اللجوء القاسية و التي تزداد صعوبة و تعقيدا يوما بعد يوم بسبب إفرازات و تداعيات الواقع الاجتماعي و الاقتصادي الذي خلقته ظروف اللأ حرب و اللأ سلم التي نعيشها.
ـ مساعدة عائلات الشهداء و ضحايا الحرب للتخفيف من معاناتهم  اليومية  بسبب ظروف الحياة الصعبة التي يكابدونها وقد تركوا أمانة في أعناقنا من قبل أولئك الذين أسسوا للحدث و جعلوا له معنى و أبعاد .
ـ الرفع من مستوى الخدمات الاساسية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي و ملح من تعليم و صحة و رعاية اجتماعية و نقل ...الخ.
ـ دعم انتفاضة الاستقلال في الارض المحتلة لتمكينها من الصمود و ابتكار اساليب نضالية جديدة تستجيب لتحديات المرحلة و تتماشى و التطورات التي تشهدها منطقتنا و تواكب التغييرات الحاصلة على الساحة الدولية.
ـ إطلاق مشاريع اقتصادية لإعمار المناطق المحررة و أمتصاص جزء من البطالة التي تعاني منها الغالبية العظمى من شبابنا.
في واقع الأمر نحن لسنا ضد تخليد المناسبات و الاعياد الوطنية، بل على العكس من ذلك نرى أنه من واجبنا أحياء كل لحظة سقط فيها شهيد أو جريح و تخليد كل مناسبة حقق فيها شعبنا مكسبا او انتصارا خلال مسيرته النضالية ، و لكن  التخليد الذي نريده و نحتاجه يجب أن يتماشى و متطلبات المرحلة المعاشة و يضيف ما  هو جديد و مفيد للفعل الوطني لتعزيز صمود شعبنا و تقريبنا من الهدف النهائي.
نتمنى صادقين أن تكون أربعينية الجبهة فرصة جديدة لقيادتنا للوقوف مع الذات و تجاوز أخطاء و سقطات الماضي لاستعادة زمام المبادرة الذي فقدناه منذ وقف إطلاق النار و بشكل يجعلنا نخلد خمسينية الجبهة على أرض وطننا كاملة السيادة و حينها فقط سيكون لأحتفالية عام ألف معنًا ومعنى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review