19‏/2‏/2013

قيادة تصريف الأعمال

محمد لحسن 
 تقوم نظرية تصريف المسائل الجارية او ما يعرف إعلاميا بحكومات تصريف الأعمال على انها حكومات ناقصة الصلاحية يقتصر دورها على تصريف الأمور الجارية ولا يحق لها البت في الأمور المهمة والمصيرية. ويحدد فقهاء القانون مفهوم الأمور الجارية أنها: تلك التصرفات اليومية  والمألوفة للجهاز الإداري، أوهي تلك الإعمال الروتينية التي تنجز في درجات السلم الإداري الدنيا ولا تتضمن أي بعد سياسي قد يخلق آثاراً مستقبلية، فهي تحضر بشكل تلقائي من الأجهزة  الإدارية  المختلفة  و يقتصر، عمل الوزراء فيها، على مجرد وضع توقيعاتهم لا غير.
وتستخدم هذه النظرية في الأوقات التي تمر فيها البلاد بظرف استثنائي كالمرور بمرحلة انتقالية او انتخابات او ظرف طارئ  ما مما يعني ان لها فترة زمنية محددة .
بدأت بالمرور على هذه النظرية، لان المتتبع لعمل قيادتنا الوطنية ككل ليست الحكومة فحسب، ومنذ مدة ليست بالقصيرة يرى أنها اقرب إلى قيادة تصريف أعمال منها إلى قيادة وطنية حقيقية، فهي تخشى اتخاذ القرارات المصيرية وتتشبث بقشة لتعدي الأزمة، حتى وان كانت المرحلة التاريخية لا تسمح بذلك.
 كلنا نتذكر أن الهجوم على مخيم اكديم ازيك، كان ليلة المفاوضات بمنهاست، ورغم بربرية الهجوم وحجم التضحية فان قيادتنا الوطنية لم تلغي المفاوضات، ولم تعلقها ولم تؤجلها حتى، وتمسكت بها تمسك غريق بقشة ، مسوقة لنا أنها ضيعت على العدو المغربي فرصة الهروب من المفاوضات، وكأن بقائه في تلك الجولة سينتهي بالتوقيع على الاستقلال، فانتهت الجولة كسابقاتها، وانتهى معها حدث تاريخي مثل كديم ازيك، كان يمكن يكون مفصليا في مسيرة كفاحنا لو استغل كما ينبغي .
فما الأحكام الجائرة، الصادرة اليوم في حق أبطال ملحمة اكديم ازيك، الا نتيجة لتلك السياسة الرعناء المنتهجة منذ وقف إطلاق النار من طرف هذه القيادة ، التي  تتهرب من مواجهة الواقع و من اتخاذ القرارات المصيرية،وهو ما ندفع ثمنه على جميع المستويات  داخليا وخارجيا سياسيا واجتماعيا.
 اذ تكتفي داخليا، بالحلول الترقيعية، و تبذل كل ما بوسعها لإبقاء الوضع على ما هو عليه، بعيدا عن أي تغيير، وخارجيا لا تتقن سوى لغة التنازلات ، هذا الخوف الهستيري من التغيير وما يرافقه من حالات الإنكار للواقع المعاش تحت شعار نحن بصحة جيدة هو الذي أوصلنا إلى هذا القدر من التردي الذي نعيشه في جميع المجالات. وهو الذي جعلها اقرب حكومات تصريف الأعمال، مع اختلاف بسيط ان العمر الافتراضي لحكومات تصريف الاعمال من سنتين الى ثلاث سنوات بينما عمر قيادة تصريف الأعمال مرتبط بأعمار أصحابها.
 ان الذي نحتاجه اليوم، لمواجهة هذه "الاحكام الجريمة" المقترفة في حق أبطال ملحمة اكديم ازيك، ليس التنديد طبعا ولا الاستنكار، لكن هل تملك هذه القيادة غير ذلك؟ لأن الذي نحتاجه فعلا هو تغيير هذه السياسة التي نساس بها كل هذا الزمن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review